توحي مختلف المعطيات الراهنة، بأنّ ملف الإستحقاق الرئاسي سيُرحل إلى ما بعد شهر آب المقبل، بالرغم من الزيارة التي يقوم بها المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت، نظراً إلى أنّ إجتماع اللجنة الخماسيّة، الذي عقد بالعاصمة القطرية الدوحة في الأسبوع الماضي، قاد إلى تعقيد الأزمة، بدل المساعدة في معالجتها، ما يؤكد أن مواقف الأفرقاء الخارجيين المؤثرين لا تزال على حالها.
بالنسبة إلى مواقف الأفرقاء الداخليين، التي تؤكد إحدى المرجعيات السياسية أنها أساسية في حين أنّ الخارجية مساعدة، فهي لم تشهد أي تبدل جوهري يذكر، حيث لا تزال قوى الثامن من آذار تؤكد تمسكها بترشيح رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، بينما القوى المعارضة تتمسك برفضها له، بالرغم من علامات الإستفهام التي تطرح حول قدرتها على الإستمرار بتبني ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور.
في هذا السياق، تشير مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، إلى أن الواقع الراهن يعبر عن أزمة حقيقية عند الفريقين، نظراً إلى إنعدام القدرة على المبادرة أو المناورة، فقوى المعارضة التي كانت قد ذهبت إلى إسم أزعور، بعد أن كانت تتبنى ترشيح رئيس حركة "الإستقلال" ميشال معوض، للتوافق مع "التيار الوطني الحر"، لا يبدو أنها قادرة على الإتفاق على أي إسم جديد، لا سيما أن أي مبادرة من هذا النوع قد لا يكون من السهل أن تنجح في تأمين "التقاطع" الذي حصل على أزعور.
وفي حين تلفت هذه المصادر إلى أن "التيار الوطني الحر" في الأصل كان قد أرسل أكثر من إشارة، خصوصاً مع عودته إلى الحوار مع "حزب الله"، تصب في إطار إنتهاء مرحلة "التقاطع" تلك، توضح أن الواقع لدى الفريق الآخر، أي الداعم لرئيس تيار "المردة"، ليس أفضل، نظراً إلى أن ليس لديه ما يقدمه على هذا الصعيد، بالرغم من تزايد المؤشرات التي تؤكد صعوبة الإستمرار بالخيار نفسه، أو على الأقل صعوبة موافقة باقي الأفرقاء عليه.
في الأسابيع الماضية، تحديداً بعد جلسة الإنتخاب الأخيرة التي عقدت في المجلس النيابي، راهنت العديد من الأوساط السياسية على إمكانية أن تقود التدخلات الخارجية إلى كسر حالة الجمود القائمة، الأمر الذي على ما يبدو لا يزال يحتاج إلى الكثير من الوقت، في حين أن الأوضاع المحلية قد لا تحتمل المزيد من التأخير، خصوصاً مع المخاطر التي يحملها الواقع المستجد في حاكمية مصرف لبنان.
في هذا المجال، ترى مصادر في قوى الثامن من آذار، عبر "النشرة"، أنه على الرغم من أن فرنجية لم ينجح في الحصول على عدد من الأصوات يفوق تلك التي نالها أزعور، في تلك الجلسة، إلا أن الفريق السياسي الذي يمثله أثبت أن لديه الكتلة النيابية المتماسكة الأكبر، على إعتبار أن الأصوات التي نالها المرشح المنافس جاءت نتيجة "تقاطع" من الصعب أن يتكرر، لا سيما أن ضغوطاً كبيرة مورست على بعض النواب للإلتزام به.
وبالرغم من أن هذه المصادر تشدد على أن خيار رئيس تيار "المردة" لا يزال هو الوحيد لدى فريقها السياسي، الذي يرفض حتى الآن البحث في أي خيار آخر، تطرح الكثير من علامات الإستفهام حول إمكانية الإستمرار في ذلك إلى ما لا نهاية، لكنها في المقابل تشدد على أن مفتاح أي تحول جديد هو بيد فرنجية فقط، أي أن التراجع عن هذا الخيار لن يأتي إلا بعد قرار يصدر عنه حول هذه المسألة.
في المحصلة، تلفت المصادر نفسها إلى أن أي تحول من هذا النوع قادر على قلب المعطيات الرئاسيّة الراهنة، نظراً إلى أنه سيسهّل الإتّفاق على مرشح جديد مع "التيار الوطني الحر"، الأمر الذي يرفع من عدد نواب الكتلة النّيابية الصلبة، وتعرب عن إعتقادها بأن الرهان على إمكانيّة حصول تحوّل مقابل في موقف التيار، أيّ ذهابه إلى تبنّي ترشيح فرنجيّة، ليس واقعياً، على الأقل حتى الآن، إلا إذا حصلت تطورات كبيرة جداً.